بسم الله الرّحمان الرّحيم
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وأنتم تتصفّحون بعض مواقع النّات أو "الفيس بوك" كثيرا ما تصادفكم مثل المقولات
التّالية:
// إذا أمسكت المصحف فإن الشيطان يغضب و إذا فتحته يبكي و إذا قلت بسم الله ينْهار فإذا أخذت في القراءة يقع مغشيا عليه وهل تعلم أنك إذا حاولت إرسال هذه الرسالة لأحد سيحاول الشيطان منعك//
/ إنتهى الإقتباس /
في البداية أتساءل في خصوص هذا الكلام بالذّات من الّذي حضر هذه التّفاصيل الدّقيقة وهذه " البهذلة " الّتي تحدث للشّيطان وهو يمرّ بتلك المراحل المذكورة من بكاء و انهيار إلى أن يسقط مغشيا عليه..
وهل من أحد حَدَثت أمامه مثل هذه الوقائع أو قام بإسعاف
"الشّيطان المسكين" أو نادى بهاتفه سيّارة الإسعاف، أو حتّى على الأقلّ قام بتصويره وتنزيله على اليوتيب بشماتة ليراه القاصي والدّاني ؟؟؟
عموما هل توقّفتم عند مثل هذه التّرّهات بعض الشّيء وتساءلتم قليلا عن مصادرها وصحّة مضامينها..؟
والأهمّ من ذلك هل ديننا في حاجة إليها لكي ينْتشر ويؤدّي دوره التّربوي، ويفعل فعله البنّاء، وينبت شَجَرَهُ وينمو غرسه ؟
أم هل هذا هو هدْيٌ القرآن الكريم أغفله،
أو جوامعُ كَلِـمٍ النّبيّ الصّادق عليه الصلاة والسلام أهمله أو نسيه ؟
أقول لا هذا ولا ذاك، ولكن ما ترون وتقرأون، إنّما هو سلعةُ من خانهم العلم الصّحيح، وسَلْوى من لم يقدر على حفظ القرآن وصحيح الحديث، وهو في النّهاية ليس إلاّ أدوات يشتغل بها ذوي الجهالة ، الأغبياء السذّج !
بل أخطر من ذلك، إذ هو تحْييد لطيف للعقول والهمم عن حفظ القرآن والسنّة وعلوم الشّريعة وما لها من منّة !
بل أدْهى من ذلك، إذ هو يشبه إلى حدّ كبير ما مرّره أعداء الدّين اليهود المفسدين، في مجتمعاتنا المتأخّرة من تغطيس أيديهم في الحنّاء ورسم الأصابع الخمسة على جدران أضرحة الأولياء إشارة إلى الفرائض الخمسة دون الحاجة للقيام بتلك الواجبات المنجيات في يوم العرصات.
الّذي كتب مشهد الشّيطان هذا إنّما كان يكفيه لو كان صادقا لترغيب النّاس في القرآن استعراض هذه الآية القويّة الثّابتة السّاطعة البليغة البالغة... ها هي أسوقها لكم لتشنّف أسماعكم وتحُلّ في قلوبكم محلّ ذلك الدّجل الآنف ذكره الممجوج إيراده فاسمعوها:
وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجَابًا مَسْتُورًا
الله أكبر !
وإن شئتم حديثا نبويا عتيقا معتّقا صحيحا مُسندا في الموطّئات مخرّجا من شفاه المصطفى مُخلدا فإليكم ما يلي:
جاء في مسند الإمام أحمد عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم:
( مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ فَاسْتَظْهَرَهُ وَحَفِظَهُ ، أَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ ، وَشَفَّعَهُ فِي عَشَرَةٍ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ كُلُّهُمْ قَدْ وَجَبَتْ لَهُمْ النَّارُ ).
فهل بعد هذا نحتاج لمثل ذلك التّدْجيل ؟
لكن من يكتب مثل تلك الغباوات ثمّ يذيّلها بقوله مثلا:
" فاعلم إذا لم تنشرها فإنّك منافق أو الشيطان منعك"
فإنّني أسأله هلْ هذا الحكم الذي حكمت به عليّ أستحقّه حتّى وإن كنتُ ناشطا قد دخلت شبكة النّت مستعجلا لأنشر خبرا مُهمّا ينفع من يهمّهم الأمر ولم أعبأ بما وضعتَه في طريقي من خزعبلات تريدني أن أتداولها، أو كنتُ مجاهدا بقلمي دخلتُ لكي أفقأ عينَيْ عالمانيًا مُلحدا متبجّحا بفكر
/ جون ستيوارت / أو / أسبينوزا / يزعم فصل الدّين عن الدّولة وعن الحياة فلم أجد وقتا لما تنشرُه من افتراء وذهبت أكتب مقالي ؟
يا للسّخافة !
والمحزن انتشار تداول مثل هذه السّخافات على أيدي مثقفين ذوي مستويات لا بأس بها فتراهم منهمكين في /برتاج برتاج / يتبع بعضهم بعضا كالدّجاج !
أيّها النّاس...
كفاكم سخافات و كونوا فعّالين على الشّبكة أو غادروها واتركوا الإبتذال وتعلّموا كيف تكونون خلاّقين مبدعين وبما تكتبون واعين مدركين وصلّ اللهمّ على مُعلّم المعلّمين ومؤدّب النّاس أجمعين في كلّ ساعة وحين ..
وأمّا هذه فحقّا إن لم تقرأها و تفهمها سواء نشرتها أم لم تنشرها فإنّك مسكين.
المدوّن و الكاتب المسكين: مخلوف بريكي ــ فرنسا
BRIKI Makhlouf
