Overblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog

هل الضّمير قيمة حقيقية ؟ ــ بقلم: مخلوف بريكي

 

ها ها ها

 

بسم الله الرّحمان الرّحيم

ــــــــــــــــــــــــــــ

 

لا شكّ أنكم تسمعون دائما عن الضّمير في يومياتنا..

 هذه الكلمة السّحرية البرّاقة الجميلة، الّتي، إذا ألبسوها أحدا من النّاس أصبح محمودا، وإذا نزعوها عنه صار مذموما.

 

أنا في الحقيقة جئتكم اليوم في مقالتي هذه، لأطعن فيها وأنْفي مصداقيتها، ومن يؤمن منكم بها، فأنّني أشكّك في مدى فهمه وإدراكه لهذه الحياة وهذا الوجود...

 

أقول لكم إنّ الضّمير كإسْم لقيمة متداولة في أذهان النّاس يروّجون لها، في الحقيقة ليس له رصيد حقيقي على أرض الواقع ولا ينفع النّاس وما رأيناه قطّ أصلح الأرض.

 

لذلك فأنا أكفر بوجوده تماما وبمصداقيته، وإلاّ فلِمَ لم يُحدِث أثَرَه في الكون وهو مستحدَث منذ القرن الثّامن عشر كما يقول العلاّمة الشّيخ عبد الرّحمان خليف رحمه الله ف إحدى خطبه.

 

إنّ الضّمير  بكلّ بساطة، جاء ليأخذ مكان "الاستقامة" و "خشية الله" لمّا جاءت اللّائكية العالمانية إلى الكون، وأزاحت فكرة وجود الله من قلوب النّاس في الغرب، كما قال أحد فلاسفتهم " لقد قتلت الله " ..

وأصبح الوازع الوحيد في غياب القانون أو قصوره على ضبط المخالف هو " الضّمير " فهو إذن أداة من أدواة العالمانية الملحدة.

 

فمثلا الضّمير العالمي الّذي دفع بالغرب للتدخّل إلى جانب الشّعب اللّيبي، لماذا ينظر إلى مذابح سوريا ولا يتحرّك..

 

يقولون إن الكعكة في ليبيا كانت دسمة، أمّا في سوريا فليست كذلك!

 

دعونا من ساس يسوس وما اشتُقّ منها ولنعُد إلى موضوعنا..

 

وأنا أسألك عزيزي، قارئ مقالتي هذه:

 

لو شاهدتّ مثلا طبيبا يعمل بتفان ويعطي الكثير لمُهمّته، فتراه يضحّي بوقته ويزيد عليه، ويقفز متنقّلا بين مرضاه، ولا يعبأ لراحته هو ورفاهيته، حتّى تُعجَب به فتقول الكلمة المعهودة:

 

 " هذا طبيب صاحب ضمير"


أو تقول:


"طبيب ضميره حيّ "


وهذا ما ينبغي في الحقيقة أن يقال بمقاييس هذا الزّمن المضطرب في حضرة هكذا مشهد..

 

 ثمّ لمّا ينتهي واجبه و ينزع قميصه الأبيض ويأخذ سيّارته ويرجع إلى بيته، وهنا دعونا نقتفي أثره، وندخل عنده.

 

فنجده مثلا شاذا يعيش مع رجل مثله، أو يتعاطى مُخدرات، أو أيّ بلوى أخرى عافاكم وستركم الله.


 فهل كلمة "ضمير" الّتي أطلقْناها عليه منذ حين عندما كنّا في قسم الطّوارئ، هل بقي لها بريق في نفسك، أو مقدار من القدسية والكمال ؟

 

إسمعوا ما يقول الشّيخ العلاّمة عبد الرّحمان خليف عن الضمير:

 

هو كلمة من الكلمات البرّاقة الّتي لها تأثير على النّفوس، يضنّها النّاس حقيقة من الحقائق الإنسانية أو قاعدة من القواعد الّتي ينبغي المجتمع أن يسير بمقتضاها، و هي في الواقع باطل لاعتبارات ثلاثة:

 

 الأوّل:

أنّ المُتمدّحين بالضّمير تصْدر عنهم أعمال مختلفة يناقض بعضها بعضا وكلّ يرى أنّ له ضميرا خاصا به حسب تصوّره، أمّا الّذي على استقامة مصدرها مقدس ( الله ) فهو مستقيم من الألف إلى الياء وأعماله لا تناقض بعضها بعضا..

 

الثّاني:

أنّ البيئات الّتي ينشأ فيها الإنسان مختلفة، فما يمليه ضمير هذا لا يمليه ضمير الآخر..

 

الثّالث:

 وهو ما ذكرته لكم آنفا أنّ كلمة الضّمير ظهرت في أوروبا في القرن 18 في مجتمع خرج على كنائسه واعتنق الإلحاد فاستبْدل قيَما بقيمٍ، ومبادئ بمبادئ أخرى لمّا استنكف النّاس من كلّ ما هو دين.

 

الضّمير تفاصيله من الإنسان، ولَكَمْ تخبّط الإنسان في جهله وأخطأ في تقديراته..

 

والاستقامة تفاصيلها من الله، والله عليم حكيم.

 

انتهى كلام الشّيخ وقد تصرّفتُ فيه بعض الشّيء..

 

أمّا أنا فحدثتْ لي حادثة:

 

 اشتريت مرّة قميصا من تاجر فرنسي مسنّ في السّوق بجوار سكناي، وعند عودتي إلى المنزل وجدت مع قميصي الّذي اشتريته قميصا آخر في داخل العلبة على وجه الخطأ وكان ثمينا.

 

وكنت يومها مستعجلا قد اقتطعتُ تذكرة في الطّائرة لزيارة الوطن تونس، وبعد انقضاء العطلة ذهبت إلى التّاجر في السّوق ورددتُ له الأمانة، فأخذني بين ذراعيه وقبّلني على خدّي بحرارة والله.

 

 ثمّ سألني قائلا:

 لقد حدث أن سرقني عربي، فما الّذي  جعلك أنت تعيد لي متاعي؟

 

قلت:

 الإسلام، الإستقامة و الخوف من الله يا سيّدي !

 

قال:

 لي لكنّني لست مسلما.

 

 قلت: أمّا أنا فمسلم!  

 

ثمّ دار بيننا كلام وممازحات...

 

أيّها السّادة..

لا وجود لشيء إسمه الضّمير، هو فقط كما قلت لكم سلعة مَنْ لا سلعة لهم ودين من لا دين لهم، ودعوني أكون سهلا مع البعض فأقول حتّى وإن وُجد، فعمليا لا ثقة للنّاس فيه.

 

وابتداءً من اليوم قُلْ الإستقامة والخوف من الله، ودعك من كذبة الضمير.

 

في الأخير، مقالتي هذه لم أكتبها لكم بدافع الضّمير، وإنّما بدافع محبّة الله تعالى الّذي وهبني الإستقامة وليس الضّمير،

 

وكتبتها أيضا بدافع حبّي لكم أنتم...

 

وإلى لقاء آخر

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

 

مخلوف بريكي ــ فرنسا

 anniv--Rafika.jpg


Pour être informé des derniers articles, inscrivez vous :
A
لا شيئ عندي أفخر به أعظم من رب رحيم أسجد له
Répondre